خذني إلى ليلٍ يتوق فيه النّاس للنّومِ
وأتوق فيه أنا لرؤياك المبهرِ
خذني إلى ماضٍ يعبقبالذّكرياتِ
حيث كنت محتجباً في هيكل الأسرارِ
خذني إلى منفى النّسيان ،أبكي
ما غفل من لقياك عن عيني
خذني إلى وطن الغربة ، أرثي
سنين الضّياع الموحشِ
خذني بيدك إلى لقيانا منذ الأزلِ
أرني مجداً سابقاً كان عندك لي
واسكب يدك العطرة في يدي
تسافران معاً في رحلة الأبدِ
خذني حيث كنّا ولم نكنِ
حيث عرفتك ولم تعرفني
حيث لم أعرفك وعرفتني
خذني إلى سرّ الأماكنِ
أماكنَ ، عشنا فيها ولم نعشِ
أدركنا سحرها ، فثملنا من السّحرِ
وهمنا في شوارع الأماكنِ
ضائعيْنِ ، تائهيْن ، نبحث عن مخرجِ
تاهت منّا الدّروب ،شرّدتنا متاهات السّبلِ
وقفتَ عند أقاصي الأرض تناديني
ردّ لي الصّدى حنين الصّوتِ
حضنت الصّدى زرعته في القلبِ
لاج الصّوت عمق الأوديةِ
يبكي ينتحب تيه الدّروبِ
لا من معينٍ لا ولا من مغيثِ
سوى صدىً آخر يتوق للرّوابي
مدّ صّوتك يده من عمق التّيهِ
يخترق حرّاً سبل الخلاصِ
يتغلغل سواقٍ في عمق الأرضِ
لينفجر ينابيع من نورِ
أشرقت شمس العدل العقليّةِ
ونزل النّور الى عمق الإنسانيّةِ
يطلق الوحي ، يزلزل كياني
يعتق سرّك ، يلاقي وجداني
هلّ عليّ نجم صبحك الوضّاءِ
شعاع حبّ اخترق سمائي
يسامر الإنسان فيّ ،يواسي
حرقة السّنين ، لوعة المآسي
أظهرت تواضع انسحاقي
لأدخل معك وبك فرح السّرِّ
أنحدر إلى أقصى العبوديّةِ
لأسموَ إلى أرفع السّماواتِ
يا لهذا السّرّ العظيم يمنحني
حضورك الوهّاج ، فيبهرني
أراك ، أعاينك ، أتوق للّمسِ
أذرف دموع فرح الغلبةِ
على المسافاتِ على الأزمانِ
ها إنّ حضورك البهيّ يحملني
من أقاصي الأرض إلى السّماءِ
يبقيني في صلب العالمِ
لكنّي لست من العالمِ
أنا من وطنٍ لا يعرفه تاريخ البشرِ
أنت وطني الحقيقيّ ، حبّي السّرمدي
أنا لك الحبيب ، أنت لي
منذ قبل إنشاء العالمِ وإلى الأزلِ